قهوة بور فؤاد
حينما كان البدوى ينهى عمله فى المصلحة الساعة الثانية بعد الظهر ، يذهب إلى البيت . وفى المساء يذهب إلى مقهى بورفؤاد بشارع فؤاد يجتمع مع صحبة طيبة من الأدباء الشبان المتفتحين للحياة والأدب .. يقلبون فى المجلات والكتب التى كانت تصدر فى ذلك الوقت .
ويقول : " وكان يحيى حقى .. يجىء فى الإجازات إلى هذه القهوة ، وقد رأيته لأول مرة فألفيته وديعا رضيا قليل الكلام .
وفى القهوة انضم إلينا طبيب الأسنان الدكتور رمزى مفتاح والمرحوم غريب والشاعر أحمد فتحى مرسى .. ورفيقه فى زمالة الحقوق والشعر الشاعر إبراهيم طلعت .. كلما جاء من الإسكندرية لعمل فى القاهرة .
وكان الدكتور رمزى يحضر بعد انتهاء عمله فى العيادة .. وحديثنا يدور عن الكتب الجديدة .. وكان الكثير منها للعقاد والمازنى .. وكان الدكتور رمزى .. وغريب لا يحبان العقاد كشاعر وينتقصان منه .. وأنا وهلال وفتحى مرسى وطلعت .. ندافع عنه بحرارة ككاتب وشاعر من أفذاذنا ومفاخرنا .. وقال لى هلال .. » إن غريب يكره العقاد .. لأنه اشتغل فى جريدة فيها العقاد .. وكان العقاد السبب فى نقص أجره الشهرى .. فحملها له وظل يحملها » .
و" كان غريب الذى درس فى الأزهر .. متفقا فى المشارب والذوق الأدبى واختيار أروع القصص .. مع الدكتور رمزى الذى درس فى طب الأسنان بمصر .. وسافر كثيرا إلى لندن .. وليس فى هذا غرابة .. فالذوق السليم يأتى من الفطرة .. وبالسليقة ..
وكلما كان الإنسان عميق التفكير .. بعُد نظره وحسن اختياره ، ولهذا التوافق فى المشارب ، كان الاثنان لا يفترقان إلا نادرًا ، وكأنهما يلبسان ثوبا واحدًا .. وغريب مسلم .. ورمزى مسيحى .. ولكن الفنان الأصيل بطبعه .. لا يخطر على باله التعصب الدينى ولا يفكر فيه قط .. ولا يحسب حسابا لفارق الدين ..
أما المتعصب فساقط من المجموع .. ومحتقر من زمرة الأدباء وزمرة الشعراء والناس أجمعين " .
=================================
سيظل الكتاب موجودا وخالدا ما بقيت الحضارة .. ولا يمكن أن تدمر الحضارة أعظم شىء فيها .. لا يمكن أن تطفىء نورها .. وأعظم الممثلين فى العالم لم يستطع حتى الآن .. أن يصور شخصية هملت كما صوره شكسبير .. ولا رازكولنيكوف كما صوره ديستويفسكى .. ولا نانا كما صورها زولا .. ولا مدام بوفارى كما فعل فلوبير ـ " محمود البدوى " من مقدمة كتاب العذراء والليل ط 1956
الخميس، ١ نوفمبر ٢٠٠٧
قهوة بور فؤاد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق