بداية العهد بأستاذه الزيات
قرأ البدوى آلام فرتر للزيات وبعدها روفائيل خير أعمال لامرتين الأدبية، فأحب الرجل وأعجب به لأنه لم يتعمل فى الترجمة ولم يتصنع ، فجاءت ترجمته آية الآيات الفنية ، ولم يبدأ حياته الأدبية بالهجوم ــ مستوقفا الأنظار ــ كما فعل غيره من الأدباء ، ولم يهرج لكتبه بالطريقة الأمريكية المعروفة لكثيرين ، ولم ينشر عن نفسه ثناء ولا حمدًا ، ولم ينزل بفنه إلى مستوى العامة ، ولم يكتب ليرضى الجمهور ويتملق الناس ، وإنما عمل فى صمت وسكون وإخلاص ..
" وأنشأ الزيات مجلة الرسالة بعد رجوعه من العراق ، وأعد لها العدة عن فهم وبصيرة بما يجرى حوله ، فقد كان العالم العربى من مشرقه ومغربه فى حاجة ماسة إلى مثل هذه المجلة الأدبية ، فلما صدرت استقبلته استقبالاً عديم النظير ..
كانت توزع سبعة آلاف نسخة فى العراق وحدها ، وكنت وقتها فى مدينة السويس وأقدر الرجل وأجله كأستاذ لجيل ، فقد تحولنا إليه بعد أن شبعنا من المنفلوطى ، تحولنا إليه نتغنى بأسلوبه وبلاغته ..
ولما وقع فى يدى العدد الأول من المجلة فرحت بها وكتبت له أهنئ وأمجد عمله ولم أذكر فى الرسالة اسمى ، وظل الرجل الكريم الصفات لا يعرف صاحب هذه الرسالة إلى آخر أيامه ، ولكنها أبهجته حقا ، وشرحت قلبه لأنها صادرة من مجهول أكثر من أى شىء آخر ، فعلق عليها فى العدد الثالث من المجلة بالعبارة التالية .. وقلما تجد أنبل عاطفة من رجل يعنى بعملك لذاته، ثم يحمل نفسه ووقته جهد الكتابة إليك صفحات فى تأييد وقدرة ، ثم لا يريد بعد ذلك أن يبوح لك باسمه . ويقول البدوى " أوصى أبناء هذا الجيل بالرجوع إليه " .
==============
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق