الخميس، ١ نوفمبر ٢٠٠٧

مجلة الرسالة


مجلة الرسالة

حمل محمود البدوى المجموعة القصصية "رجل" عام 1936 وذهب إلى مجلة الرسالة لينشر عنها إعلانا صغيرا بالمجلة .. ويقول : "وتناول أستاذى الزيات الكتاب الصغير فى يده .. وقلبه .. فلما وقع نظره على هذه القصة " الأعمى " .. سألنى عنها .. ووجد فيها جديدا ، وطلب منى أن ينشرها فى الرسالة .. ونشرها فعلا على عددين ..

وقد لمست صفات هذا الرجل الكريم ونبله .. لما حدثنى بعد ذلك عن كل المكالمات التليفونية التى تلقاها إعجابا بهذه القصة ، وشجعنى بهذا وفتح قلبى على مواصلة الطريق .. فأخذت أتابع النشر فى الرسالة ولولاه ما واصلت الكتابة .. ولا كتبت حرفا .. ولأصابنى العجز والضيق فى أول الطريق ..

وكانت رسالته رحمه الله رسالة الرسالات ، وقد عجزت الدولة من بعده بكل إمكانياتها أن تخرج مثلها ، فالعمل الأدبى إخلاص وتضحية ولا يزيد ولا ينقص بعدد الأشخاص الذين يتولونه وكان هذا الرجل عظيما جدًا ، وقد تعلمت منه أشياء كثيرة .. لعل أهمها الصبر والجلد فى العمل .

* * *

ويقول البدوى " وكانت بداية اتصالى به ومعرفتى به عن قرب وعلى الأخص بعد أن انتقل من شارع حسن الأكبر إلى ميدان العتبة فوق محل الفرنوانى ، وأخذ فى إصدار مجلة الرواية بجانب الرسالة.. .
فكان يصدر المجلتين معا ويتولى وحده تصحيحها ومراجعة البروفات وكل عمل الإدارة والمطبعة والإعلانات .

وزرته ذات مساء فوجدته يراجع البروفات على الفصل الأول من يوميات نائب فى الأرياف لأستاذنا توفيق الحكيم .. وكان فخورا بهذه الرواية إلى أقصى مدى ، وأشفقت على تعبه وهو يقرأ النص ويراجع حروف المطبعة معا، فاستأذنته أن أعينه .. وجلست أمامه .. وأخذت أقرأ النص بصوت عال ــ وأخاف الخطأ ــ وهو يراجع على البروفة المطبوعة ويصحح بدقة متناهية وصبر عجيب .

ومر الوقت بنا حتى ولى نصف الليل ، وما شاهدته فى أثناء هذه الجلسة الطويلة دخن سيجارة ولا شرب فنجانا من القهوة ..

وكان من أصدقائه الذين أراهم فى المجلة على فترات متقاربة الدكتور توفيق يونس والشيخ زناتى والأستاذ محمود الخفيف .

وكان هناك ثالوث منا نحن الشباب يكتب فى المجلة ويعتز بها ويتردد عليها يوميا فى فترة ما ، الدكتور حسن حبشى والأستاذ فتحى مرسى وأنا ، نكتب المقال والقصة والشعر . وانضم إلينا رابع الأستاذ .. إبراهيم طلعت .. الشاعر الثائر .. وكان قد أخذ ينشر قصائده .. وشاهدت بعد ذلك فى المجلة من جاء ليعاون أستاذنا الزيات فى عمله الذى اتسع ، وكان منهم الصديق الكريم الأستاذ عباس خضر وواصلت النشر على فترات متقاربة ومتباعدة تبعا لظروف الحياة وأثرها فى نفس الكاتب .

وبعد النشر فى مجلة الرسالة بدأت أنشر فى معظم الصحف والمجلات المصرية تقريبا الأهرام والشعب والجمهورية والمساء وأخبار اليوم والجيل وآخر ساعة ولم أتوقف عن النشر إطلاقا .. ولم أشعر باليأس إطلاقا .
============

ليست هناك تعليقات: