الخميس، ١ نوفمبر ٢٠٠٧

الفصل السادس ـ المنازعات حول قصة فيلم زوجتى والكلب

مؤلف قصة فيلم
زوجتى والكلب




بطولة سعاد حسنى و محمود مرسى و نور الشريف






قال محمود البدوى بذكرياته التى نشرت بمجلة الثقافة " العدد 49 ــ أكتوبر 1977" تحت عنوان "ذكرياتى فى الأدب والحياة " :

" أثناء عملى فى مدينة السويس شاهدت رجلاً كهلاً يجلس على حافة القناة فى بورتوفيق وبجانبه كلبه .. وهو فى جلسته هذه لا يغير مكانه ، ولا نظرته إلى السفن العابرة ..
وحدثت حادثة فى منارة من منائر "مصلحة الموانى والمنائر" إذ تعارك ملاحظان فى تلك المنارة حتى سالت منهما الدماء ، وسافرت الباخرة " عايدة " ( ضربت فى الحرب العالمية الثانية ) لإحضارهما ..

وسمعت بالحادثة وأنا أعمل فى المصلحة .. فأخذ ذهنى يعمل بسرعة .. وتذكرت صورة الرجل العجوز الذى أشاهده كل صباح وأنا ذاهب وراجع من المكتب .. وتكونت قصة " رجل على الطريق " التى سرقت وتغير اسمها وأصبحت فيلما.."
سألت ابنه الأديب عن هذا الموضوع فأخبرتنى بأن هذه الواقعة تعود حوادثها إلى بداية عام 1971 حينما رن جرس التليفون بالبيت وأخبر المتحدث والدها بأن قصة فيلم "زوجتى والكلب" المعروض فى السينما هى قصة "رجل على الطريق" فذهب إلى السينما وشاهد الفيلم .

تبين للبدوى أنه يوجد تشابه وتماثل بين الفكرتين وبين الشخصيات ، فالتشابه كامل بين مكان الحوادث ( موقع الفنار فى القصة بالسويس وفى الفيلم الإسكندرية ) وما ورد فى الفيلم من وصف رجال الفنار المنقطعين عن زوجاتهم وما ينتابهم من ملل وضيق مأخوذ بوضوح من القصة .

وكذلك التشابه فى الشخصيات الرئيسية الثلاث ، شخصية الزوج الذى ترك زوجته الحسناء منفردة ، وشخصية هذه الزوجة التى تعانى من بعد زوجها عنها والزميل الذى يحمل رسالة إلى زوجة زميله فى المدينة وما ترتب عليه من قيام صراع وشك قاتلين فى نفس الزوج .

وقد ركزت القصة على وجود كلب مع الرجل الذى خان زميله ثم قتله وعاش فى عذاب من الندم وتبكيت الضمير ، وبعد خروجه من السجن قطع ما بينه وبين الناس ولم يعد يطيق إلا حيوانا أليفا وفيا لكى يعيش معه . هذه اللمحة الفنية أثرت على ناقل القصة بحيث جعلها عنوان الفيلم .

وخشى مخرج الفيلم سعيد مرزوق من افتضاح أمره فلم يقل إن القصة من تأليفه ولكن عبر عن صلته بالقصة بعبارة فكرة وسيناريو سعيد مرزوق .

* * *
جاءت إلىّ زوجتى بجريدتين ( الأخبار الصادرة فى 10/12/1971 والجمهورية الصادرة فى 29/7/ 1975) ومجلة " الكواكب " العدد 1791 الصادرة فى 26 نوفمبر 1985 .














فى جريدة الأخبار وتحت عنوان " المخرج يرد على الاتهام .. ويدافع عن نفسه .. لم أسرق قصة زوجتى والكلب .. واسألوا " عطيل " سعيد مرزوق مخرج فيلم " زوجتى والكلب " يرد على الاتهام الذى وجهه إليه محمود البدوى بأنه أخذ قصة " رجل على الطريق " المنشورة منذ سنوات وأخرجها للسينما باسم " زوجتى والكلب " بعد أن وضع عليها اسمه باعتباره المؤلف .

إن المخرج يرد عن نفسه الاتهام ، ويقول :
" أنا لم آخذ فكرة الفيلم من البدوى ، وإنما من عطيل بطل مسرحية شكسبير الشهيرة ، فالفيلم كله يدور حول شكوك زوج فى زوجته ، تتحول إلى جحيم يحطم حياته ، لأنه أولاً يعيش بحكم عمله فى فنار بعيدا عن زوجته الصبية الفاتنة ، وثانيا لأن له ماض من المغامرات مع نساء متزوجات .. وها هو الماضى يصبح عبئا ثقيلا على حاضره ، يطارده ويجعله يشك فى زوجته ويتوهم أنها تخونه مع شاب مراهق يعمل مساعدًا له ، وكان قد أرسله برسالة إلى زوجته ..

ويواصل المخرج دفاعه عن نفسه :
" بدأت فكرة الفيلم فى ذهنى ، على أساس أن يكون بطلها رجلاً يعمل فى الصحراء بعيدا عن زوجته .. ويتعذب بالشك ، وعندما عرضت الفكرة على المصور السينمائى عبد العزيز فهمى ، اقترح على أن أغير مكان عمل البطل إلى فنار منعزل على شاطئ البحر ، وفعلا ذهبت معه إلى فنار شدوان على شاطئ البحر الأحمر وكان ذلك منذ حوالى عامين وهناك أردت أن أعيش الفكرة بنفسى وأن أطابقها بالواقع من خلال الحياة اليومية لهؤلاء الناس الذين يعملون فى الفنار ، وحتى هذه اللحظة كانت فكرتى أن يكون البطل شخصا واحدا تعذب بالشك لأن شخصية عطيل كانت فى ذهنى ، ولكن عندما سافرت إلى شدوان استرعى انتباهى شاب عزب يستغرق فى أحلامه .. وبعدها قررت أن أجعل للفيلم شخصين رئيسيين : الرجل المتزوج وغريمه الشاب العزب .

وأيضا وجدت رجلاً يعمل فى هذا الفنار ومعه رسالة ، ينتظر أن يبعث بها إلى زوجته مع أحد زملائه ، عندما يسافر عائدا إلى القاهرة .

كان هذا بالنسبة لى شيئا مثيرا ، فقد كنت أعيش الواقع بتفاصيله كلها ، ولم أكن أحتاج إلى أكثر من ذلك ، فذهبت إلى الغردقة وأمضيت فيها 4 أيام، انتهيت خلالها من كتابه سيناريو فيلم " زوجتى والكلب " وأحب أن أؤكد أننى لم أتقاض مليما واحدًا من مؤسسة السينما باعتبارى مؤلفا لقصة الفيلم ، فأنا لم أكتب قصة ، ولا أدعى لنفسى أننى كاتب قصة ، بل إن الفكرة التى دارت فى رأسى ، تحولت على الورق مباشرة إلى سيناريو وحوار .

لماذا يوجه إلىَّ الاتهام إذن ، إننى لا ألوم الأديب محمود البدوى لأنه وجه لى هذا الاتهام ، فلو كنت مكانه لشعرت بالضيق لأن " بعض " ملامح قصته قد تلتقى مع بعض ملامح الفيلم .. ولكن ضيقه سوف ينتهى لو قرأ دفاعى وسوف يرى معى أن فكرة الفيلم شىء وقصته شىء آخر .

* * *

والبدوى يواصل الاتهام .. كتب مأمون غريب :
الأديب محمود البدوى يواصل اتهامه بأن قصة الفيلم مسروقة من قصته أنه يطلب هذه المرة من نقاد السينما أن يقولوا كلمتهم ، فى قضية السطو على قصته ليس لأنها قضية فردية ، ولكن لأنها قضية عامة تمس حق الأديب والمؤلف .

وقد أرسل إلى " الملحق الأدبى والفنى " هذه الرسالة :
" قرأت بعض ما كتبه النقاد عن فيلم " زوجتى والكلب " ويؤسفنى ويحز فى نفسى أن واحدا منهم لم يشر إلى قصتى "رجل على الطريق" المنشورة فى كتاب "العربة الأخيرة" طباعة "مكتبة مصر سنة 1948" ، والتى أعيد نشرها فى سلسلة الكتاب الذهبى عام 1961 . وهذا الإغفال يجعلنى على يقين إن الكتابة عن الأفلام المصرية ، أصبحت مجرد دعاية ، وأن بعض الذين يكتبون عن الأفلام لا علاقة لهم بجو الأدب وفنونه ، ومع أن صديقا من النقاد أخبرنى أنه نبه عند تقديم الفيلم فى العرض الخاص ، إن هذه القصة هى قصة محمود البدوى ، وأنه أول من كتب عن الفنار وجوه وملاحظيه باللغة العربية .." ولكنهم جميعا تناسوا هذا لسبب لا أعرفه" ، "ومما يؤلمنى أكثر من أى شىء آخر أن المنتج المنفذ للفيلم هو الصديق المصور السينمائى عبد العزيز فهمى وأن المخرج أيضا ــ وأنا أحبه ــ متفتح يجيد عمله وفنه " .

" ولا أدرى من الذى أوحى إليهم جميعا بقصتى فجعلوها على هذه الصورة " .

إنتهت رسالة محمود البدوى ، ويبقى سؤاله يتردد : أين هى كلمة النقاد ..؟

وفى جريدة الجمهورية بعددها الصادر 29/7/1975 تحت عنوان "1000 جنيه تعويض لمحمود البدوى" يقول الخبر :
" القصاص محمود البدوى حكم إبتدائيا لصالحه فى القضية التى أقامها ضد مؤسسة السينما والمخرج سعيد مرزوق الذى زعم لنفسه قصة "زوجتى والكلب" ثبت للمحكمة من تقرير الخبير ، ومن مشاهدة الفيلم ، إن الرواية المعروضة مأخوذة نصا وروحا بكامل إحداثها من قصة "رجل على الطريق" التى نشرها محمود البدوى فى مجموعته القصصية التى تحمل اسم "العربة الأخيرة" حكم للبدوى بتعويض 1000 جنيه " .

وفى حوار أجراه عزت معوض بمجلة الكواكب ونشر بالعدد 1791 فى 26 نوفمبر 1985 .

قال البدوى ..
" اسم القصة الحقيقى .. " رجل على الطريق " .. وبداية معرفتى بالواقعة أنا لى صديق عزيز هو الأستاذ "عاشور عليش" نسيب المصور الكبير "عبد العزيز فهمى" .. وعاشور عليش صديق قديم يقرأ كل كتبى وقصصى .. فواضح أنه أعطى الكتاب الذى فيه القصة للأستاذ عبد العزيز فهمى .. وعبد العزيز فهمى كان يتعامل مع "سعيد مرزوق" ويحبه .. أنا أضمن أنه حكى له القصة ، وأراد هذا أن يخرجها ويغير الاسم ويغير بعض الأشياء القليلة التى لا تغير صلب القصة .

رأيت هذا الفيلم فى سينما " مترو " .. وسمعت إشاعات من كل الناس إن هذه القصة مسروقة من " رجل على الطريق" .. فأخذت محاميا قريبا لى اسمه "شوكت التونى" وذهبنا إلى سينما مترو وشاهدنا الفيلم .. وقال لى إن القصة هى قصتك مائة فى المائة " .

ورفع الأستاذ شوكت التونى دعوى على مؤسسة السينما وعلى المخرج.. حكم القاضى لى بتعويض "ألف جنيه" .. كنت أتمنى أن يكون هذا الحكم على مؤسسة السينما .. لكن الحكم جاء على الأستاذ "سعيد مرزوق" وحده.. شعرت بالقرف ولم أنفذ الحكم .. والدعوى كانت برقم 70987 لسنة 1972 كلى شمال دائرة "2" محكمة شمال القاهرة الابتدائية والحكم صدر بالجلسة المدنية فى المحكمة فى يوم الاثنين الموافق 17/2/1975 .. وأنا قرفت بمجرد عدم الحكم على المؤسسة وهى المسئولة الأولى مائة فى المائة .. لأنها هى التى صرفت عليها وطلعتها .. فكان الأجدر بها فى ذلك الوقت أن تعيد إلى كافة حقوقى المادية والأدبية بمنطق الأخلاق والنزاهة .. وأما عن صمت النقاد .. وربما نقاد الجامعات لا يجدون فى قصصى المنهج الذى فى دماغهم سواء الرومانسية .. أو الواقعية .. أو البينوية .. كل هذه المذاهب لا تدور فى رأسى وأنا أكتب القصة " .
===========

ليست هناك تعليقات: