الخميس، ١ نوفمبر ٢٠٠٧

نقد رواية الرحيل والمجموعة القصصية رجل عام 1936

المجموعة القصصية " رجل "

بعد رحلة البدوى إلى أوربا الشرقية ، وجد فى نفسه القدرة على التأليف وانقطع عن الترجمة ، فنشر قصة " الرحيل " ، وكان يكتب قبله محمود تيمور وأحمد خيرى سعيد ويحيى حقى ، ولكنه اتخذ منذ البداية خطه ومنهجه وشكله فى الكتابة عن أدباء الغرب الذين قرأ وترجم لهم وعلى رأسهم جميعا تشيكوف ، وتعلم منها ما لم يتعلمه من أديب آخر .

ويقول :
" بدون شك أنا تأثرت بالشكل والأشخاص والإيقاع عند تشيكوف فأنا أعتبره أعظم كاتب للقصة القصيرة .. وهو الذى أعطى لى الشكل الذى أعيش فيه حاليا ولن تجد جيلاً محددًا أنتمى إليه ، فلم أتأثر بأحد قبلى .. لقد حفرت طريقى بنفسى ولم أعتمد على الآخرين .

وأخذ ذهنه يفكر ويشغل بتأليف القصص القصيرة .. ويقول:
" أخذت القصة القصيرة ، لأنى بطبعى أحب التركيز وأستطيع أن أضع فيها الفكرة التى أضعها فى القصة الطويلة ، وهى تحتاج للقارئ الشديد الذكاء اللماح الذى أكتب له ، وقد أكون أخذتها لأنى أحب التخصص ، ولكثرة ما قرأت لتشيكوف .. أو لأن نفسى قصير .. أو لأنه ليس عندى من الصبر ما يساعدنى على كتابة القصة الطويلة ..

* * *

جمع البدوى القصص التى كتبها والمسماة باسم " رجل .. الأعمى .. النجم البعيد .. فى الظلام " بين دفتى كتاب وطبعها على حسابه بالمطبعة الرحمانية بالخرنفش عام 1936 .

================

نقد رواية " الرحيل " والمجموعة القصصية " رجل "

حينما صدرت الرواية الوحيدة " الرحيل " عام 1935 والمجموعة القصصية " رجل " عام 1936 .. تناولتهما الصحف والمجلات بالنقد والدراسة والتقييم، رغم أن مؤلفهما يعد كاتبا صغير الحجم ــ فى ذلك الوقت ــ بجوار عمالقة الأدب الذين يشغلون الساحة الأدبية فى تلك الفترة .

* * *

حينما صدرت الرحيل ، كتب على دياب بجريدة السياسة اليومية :
" أول ما يمتدح فى القصة ولعلها آخرها ــ فالأمر سيان ــ هو أسلوبها الفخم الرائع ، الذى جمع بين بديع الأدب القديم وبلاغته وفصاحته ، وجزالة الجديد وبساطته وتعابيره ، وقد أدخل الكاتب فى قصته ألفاظا وتعابير غريبة ــ ولكنها مستحبة غير نابية ــ فسما بذلك بأسلوب القصة وجعلها شيئا جديدا فى القصص المصرى الحديث وأساليبها .

أما ما يستحق النقد من القصة فهو تفككها وعدم ارتباط أجزائها كل بالآخر وهذا ما يبعدها عن تعريف القصة اللفظى وهو ــ الاستطراد والمتابعة ــ ولعل هذا ناشئ من مراجعة موضوع القصة أثناء الطبع وحذف ما لا يجيز القانون والعرف والآداب العامة نشره منها " .

* * *

وكتبت صحيفة الأهرام فى 18/12/1935 :
" عنوان قصة لطيفة دبجتها براعة حضرة الأستاذ محمود البدوى ، وتدور حوادثها على رحلة شاب مصرى إلى إسطنبول وما وقع له من الوقائع الغرامية فى أثنائها ووصف بعض الأماكن التى زارها .

* * *

وكتبت جريدة الصباح فى 21/2/1936 عن المجموعة القصصية " رجل " :
"لقد قرأناها كلها لأن شيئا فيها كان يدفعنا إلى قراءتها ، ذلك هو الصدق الذى نبحث عنه فى كل شىء ، فطابع الصدق فى هذه القصص كان يعيننا على تذوقها والاستمتاع بما فيها ، ولعل هذا الطابع الذى نحبه ونسعى إليه كان ظاهرا جدا وواضحا كل الوضوح ، فى قصة " الأعمى " فهذه الصورة الريفية الإنسانية لا يمكن أن تكون منتزعة من الخيال ، فإذا كانت كذلك فإن صاحبها لبارع جدا وأنه لصاحب بصيرة نفاذه إلى الحقيقة دون أن يراها ، وثمة شىء آخر تتسم به هذه القصص ذلك هو أدب المؤلف ، أو بعبارة أخرى عدم ميله إلى ما هو مستقبح ، ولأفسر ذلك فأقول أنه تحاشى أن ينصر الرذيلة، بل عاملها بمنتهى الهوادة حتى انتزع منها روحها ، وفى قصة الأعمى ترك الرذيلة تؤدى مهمتها لكنه عاقب أصحابها عقابا نفسيا رائعا .. وفى القصص الأخرى كبح جماحها وجعلها تنسحب من الميدان .

وبعد .. فقد لا ينقص هذه القصص إلا قليل من المراجعة ليصبح أسلوبها يستحق ما يحمله من فكر صادق ورأى صائب وأدب رصين .

* * *

قالت الجريدة السورية اللبنانية 17 أيلول 1936 عن هذين الكتابين :
"مكتوبه بأسلوب سهل بليغ وفيها تحليل لشتيت من الخوالج النفسية ، أما حوادثها فتسترعى انتباه المطالع لتناسقها وارتباطها ووصفها البيئة المصرية ، وقد أعجبتنا بصفة خاصة قصة الأعمى ، فهى والحق من أروع القصص القصيرة التى طالعناها .

والكتابان جميلا الطبع وهما حلقتان من سلسلة كتب يعدها حضرة المؤلف تحت عنوان "مكتبة الجيب" فبينما نثنى على أدبه نتمنى أن يصدر فى القريب بقية المؤلفات التى أعلن عنها ، فإن الأدب العربى بحاجة إلى مثل هذه الجهود المنتجة " .

* * *

وكتبت مجلة الشباب فى 10/6/1936 :
"قصص تبلغ فى بعض الأحيان مبلغا غير يسير من الإجادة والاقتراب من الكمال الفنى ، أما الكتيب الأول فقد أسماه مؤلفه الأديب محمود البدوى "الرحيل" وهو كذلك قصة جميلة محبوكة ضمنها مؤلفها الشاب خطرات نفسه ولواعج صدره ، وجمع إلى هذا جمالاً فى أسلوبه ، ودقة فيما يرسمه من التصاوير حتى لتعد بعض صفحاتها مثالاً طيبا لجهود الأدباء الشبان ..

..... وعندنا أن مثل هذه الجهود المبارك عليها فى الأدب التى يبذلها بعض الأدباء الشبان كالأديب البدوى هى التى يصح أن تتوجه إليها عناية القارئين وتشجيعهم ، فهى تبشر بمستقبل بسام فى الأدب وفى القصة .

* * *

وكتب هلال شتا فى جريدة السياسة الأسبوعية 1/6/1936 عن المجموعة القصصية " رجل " :
" أول ما فتننى من الكتاب أنه ــ كسابقه ــ يدفع بالقصة المصرية إلى الأمام دفعا ويرتفع بها شيئا فشيئا إلى حيث يجب أن تكون ، ذلك أن فن القصة فى مصر لم تمض على ولادته إلا بضع سنوات ، ولم يجد من يتعهده من الكتاب ويقف عليه جهوده وفنه اللهم إلا طائفة قليلة لا تعدو أصابع اليد الواحدة عدًا .. يتزعمها المازنى وهيكل وتيمور وطه وأبو حديد والحكيم .. ، فقد نزع البدوى إلى القصة النفسانية التحليلية وفتن بالأدب الواقعى ومحاكاة الطبيعة فى البساطة التى تفيض على أحداثها ثم فتن بالعنف كذلك ومحاكاة النفس البشرية فى فورانها وانفعالاتها .. الكتاب فى مصر والشرق قد اصطلحوا منذ عهد بعيد على أن يبدأوا كتاباتهم " بسم الله الرحمن الرحيم " وخلو الكتاب من هذه السنة الطيبة يحملنا على سوء الظن بالمؤلف وإن كان فى قصته " الأعمى " يدافع عن التشريع الإسلامى فى الجريمة الجنسية دفاعًا فنيا مجيدًا .

وأخيرا نرجو للمؤلف والشبان الذين يكتبون فن القصة بمثل توفيقه نجاحًا وذيوعًا ورقيا مطردًا .

* * *

وكتبت مجلة المصور فى 12/6/1936 :
"أصدرت مكتبة الجيب كتابها الثانى " رجل " وهو مجموعة من القصص المصرية كتبها الأديب محمود البدوى بأسلوب تحليلى رشيق ، واستقى موضوعاتها من صميم الحياة ، فصور الحب والبغض والصفاء والغيرة والسعادة والشقاء تصويرا حسنا ، ولا شك أن هذا الكتاب يعتبر خطوة موفقه فى عالم القصة المصرية .

* * *

وكتب الأديب محمد شوكت التونى المحامى فى جريدة المقطم 23 يونيه 1936 وقال عن هذين الكتابين :
" باكورتان مباركتان انبثق عنهما ربيع الشباب عن عمر هذا المؤلف الأديب ، وثمرتان طيبتان هما القطف الأول من جنى دراسته فى الكتب والحياة ..

لو أنه كان من ذوى الجاه المادى الكبير أو من أصحاب المناصب الحكومية العالية ، أو من ذوى النفوذ فى دور الصحف ووجد من يحرق البخور بين يديه ويغرس له أوراق الورد بين أنهر الصحف والمجلات ويطلق له أناشيد المديح وأهازيج الثناء لكان لكتابيه اليوم شأن أى شأن .

ولكنه شاب مغمور هادئ ينتج كى يرضى رغبته الفنية سواء صاح حوله الصائحون أم أحس بأنه يعمل فى وسط قبور يخيم عليها جلال الصمت ووحشة السكون .

" محمود البدوى كمؤلف يعتبر ظاهرة نفسية تستحق الدراسة فقد خرج من وسط أغرم أفراده بالكتابه القصصية ، فمنذ ثلاثين عاما أخرج شاب اسمه إسماعيل عبد المنعم هو اليوم كهل أو شيخ منزو فى إحدى وظائف وزارة المعارف ــ عدة كتب قصصية كان لها دوى وكان لبعضها فضل السبق فى مضمارها ، فقد لخص شكسبير وكان أول من فعل فى كتاب سماه " على مسرح التمثيل " ولخص موليير وألف قصصا مصرية منها " على سفح الجبل " و" عقد اللآلئ " وغيرهما ، وهذا الشاب منذ ثلاثين عاما هو خال الشاب المؤلف الحديث ، كما أن له خالاً آخر اتخذ المحاماة وتفرغ لها وانزوى عن الاشتغال بالأدب جهرا وإن كان يتعاطاه كمدمن الرحيق سرا ، كان له شغف بالأدب القصصى منذ أكثر من عشرة أعوام ، أخرج فيها عددًا كبيرا من القصص المصرية ، ومنها كتاب سماه " فى ظلال الدموع " وروايات مسرحية أخرى .

وله أقارب آخرون كل ميلهم منصب على الأدب القصصى ، ومع أن " البدوى " لم ينشأ بينهم نشأة جوار ومخالطة ، فقد نما النبت فى أعماقه دون وعى منه واشتعلت الجمرة واتقد لهيبها دون أن يوقدها بإرادته .

وتلك ظاهرة إن دلت على شىء فإنما تدل على أن هذا الوسط قصصى بطبيعته ، يرسل القصة وحى فنه الغريزى وسجية نفسه وفيض خياله لا يتعملها ولا يتصنعها .

هذا الطراز من الكتابة جديد فى مصر ، ولقد أراد بعض الكتاب المصريين الذين لم ينضج فيهم الذوق الفنى ولم يسعفهم الإلهام المواتى أن يقلدوا بعض هؤلاء الكتاب فشطوا وسيطرت عليهم العواطف المكبوتة وبرزت غريزتهم الجنسية فجاءت كتاباتهم عبارة عن تحريض وإثارة للغريزة الجنسية ، وسموا هذا النوع من الكتابة " أدبا مكشوفا " فكان جهلا مكشوفا .

أما الإنتاج الجديد الذى نحن بصدده وهو أدب القصصى الناشئ محمود البدوى فأدب تحليلى سام فى فنه ، عال فى خياله ، مهذب اللفظ ، مغطى المعنى بطبقات من الذوق .

أما قصته الثالثة " الأعمى " فقطعة بديعة جدا من الأدب لو أنها ترجمت إلى الأدب الروسى لحسبته من روائع إنتاج " تشيكوف " .

" فإنى أنصح الأديب البدوى بكثرة الإنتاج ومراسلة الصحف حتى يسخو تعبيره وتصقل عبارته ، ولو أن ذلك لا يمنع كون أسلوبه من أرقى الأساليب العربية فى إنتاج الشباب "

* * *

وكتبت مجلة الهلال فى عددها الصادر فى الأول من يولية 1936 :
" صاحب هذين الكتابين له ولع كبير بالقصة دفعه إلى إصدار هاتين القصتين .

والقصة الأولى " الرحيل " وصف حياة شاب عاشق بأسلوب مؤثر ، أما القصة الثانية أو الكتاب الثانى " رجل " فهو يحوى أربع قصص صغيرة ، الأولى قصة " رجل " التى اختار أن يعنون الكتاب باسمها ، والثانية " النجم البعيد " والثالثة " الأعمى " والرابعة " فى الظلام " .

وقد أجاد المؤلف فى تأليف هذه القصص ، ووفق فى محاولاته الأولية ، ونال من النجاح فى بدايته ما يبشر بأنه إذا استمر على العناية بهذا الفن فسوف يصل إلى درجة مرفوعة من الإجادة والإبداع .

* * *

وكتب محمد على غريب فى مجلة الرسالة 6/7/1936 :
" القصة المصرية عندنا ما تزال فى مهدها اليوم ، وأكبر الظن أنها سوف تبقى فى لفافات الطفولة إلى مدى طويل ، وأن يفقد الأدب العربى عندنا هذه الثروة الضخمة التى انحصرت فى القصة ومنحت الآداب الغربية ما لها اليوم من تفوق ونجاح " .

" لست أثنى على صديقى لأن بينى وبينه هذه الصلة ، فإن من الخير لى وله أن أجاهره بالرأى الصريح ولو كان فيه ما يؤلمه ، فإننى أعرف فيه حسن تقبله للنقد ، ولم تصلح الصداقة يوما ما رشوة بين صديقين يحب كلاهما صاحبه ويخلص له ، فالواقع أن هذين الكتابين اللذين أخرجهما الأستاذ البدوى لقراء العربية من خير المحاولات المفيدة الناجحة فى سبيل بعث القصة المصرية ووجودها ".

واستطرد غريب قائلا عن رواية " الرحيل " :
إنه يرسم صورة من نفسه ، ونفسه ترسف فى أغلال قوية وتحاول الخروج منها ، فإذا عجزت عن المحاولة ترنمت بالإيمان ، وإذا نجحت فى التنفيس عن كرباتها فرحت بهذه الأضواء الباهرة التى يجد فيها حياته كلها وجميع أمانيه " .
ويقول عن قصة " الأعمى " :
" إنها صورة صادقة من أبلغ ما كتب الأدباء المصريون ، وقد امتزج فيها الفن بالواقع ، فترى أمامك مزيجا منها يلزمك أن تعاود قراءتها " .

* * *

وكتب عبد المعطى المسيرى فى جريدة السياسة الأسبوعية 20 يوليه 1936 :
" اختلفت آراء المستشرقين فى الأدب العربى الحديث كما اختلفت أحكام قادة الأدب وشيوخه على إنتاج الشباب ، فمن المستشرقين من يرى أن الأدب العربى لن تكون له مكانة بين الآداب الأخرى إلا إذا استقام له حظ وافر من الفن القصصى ".

" إن المطبعة تغمرنا بالكثير من القصص الركيك ، وأن تهريج الصحف قد شوه جمال نهضتنا الأدبية ولكنا بين الفترة والفترة نستخلص من هذه الوفرة قصة تنسينا الألم وتبعث فينا الرجاء والأمل .

بعد هذه المقدمة نستطيع أن نمضى فى دراسة قصة " الأعمى " للأستاذ البدوى وقد اخترناها بالذات لإعجاب النقاد والقراء بها . يعيش قارئ هذه القصة فى جو خاص هيأه المؤلف فحشد له تجاريبه فجاء محكم التمثيل متماسك الأطراف تصافحه الأطياف ، كأن المؤلف يعنيه بالذات ، فهذه آلامه وآماله وتلك مطامحه وغاياته " .

" إن غاية ما أعبر به عن هذه القصة أنها نموذج للقصة المصرية الحديثة ، إنها القصة المثالية التى يجب أن يطالعها بإمعان كل من تحدثه نفسه بكتابة القصة ، كما أن صاحبها قدوة للشباب الطامحين " .

* * *

وكتب أ . ع . أ . ى فى الصاعقة الأسبوعية 8/8/1936 :
"لا غرو فالأستاذ البدوى جدير بأن يكون مبتدعًا ومجددًا فى فن القصة ، فلقد قرأنا للأستاذ كتابه " الرحيل " الذى كان من خير ما أنتج الشباب فى ميدان الثقافة والأدب .

وسوف يراه الأدباء وعشاق القصة فى كتابه "رجل" أديبا بارعا" وقصصيا قديرا على أن يخلع على القصة نسجا من الجمال وقوة من البراعة ، فلا تكاد تنتهى من قراءة إحدى قصصه حتى تشعر بميل شديد وقوة نزاعة إلى مراجعتها مرة ومرات .

فنهنئ المؤلف على هذا المجهود المشكور ، ونتمنى له النجاح المطرد فى ميادين الثقافة والأدب ".

* * *

وكتب على كامل بمجلة الجامعة 23/7/1937 :
" لا ريب أن الفترة التى تعبرها مصر فى معتركها الأدبى الحالى على أعظم جانب من الأهمية والخطورة ، وهى لذلك أجدر من غيرها وأحق بالانتباه والتيقظ ، فنحن الآن نتجه تدريجيا نحو خلق أدبى قومى صميم بعد أن مكثنا عشرات السنين فى الترجمة والنقل . وهذا الأدب القومى الجديد الذى تحتل القصة الصف الأول منه لا يعتمد على ماض وتراث سابقين "

" إن القارئ يشعر خلال السطور بشخصية المؤلف بارزة جلية ، وهى الصفة الأولى التى يجب أن يمتاز بها العمل الفنى سواء أكان قصصا أو شعرا أو موسيقى أو تصويرا أو غير ذلك ، كذلك كان المؤلف فى كتابيه دقيق التعبير ، بارع الوصف . ففى قصة " الرحيل " مثلا نراه يصف لنا إحساسات الشاب محمود وهو إلى جانب الفتاة التى أحبها ، فيجيد الوصف راسما العواطف المتضاربة التى تتنازع كلا من الفتى والفتاة بطريقه أرى أنه وفق فيها كثيرا .

وفى قصة " الأعمى " من كتابه الثانى " رجل " تراه يصف لنا شخصية الأعمى بطريقة تطغى فيها النزعة العلمية الحديثة فى معالجة القصة فى أوربا ، وهو ما يبشر المؤلف بمستقبل قصصى قد يحسد عليه إذا عرفنا أن هذه المميزات قد حصل عليها فى أول أعماله الأدبية " .

* * *

وسأكتفى بهذا القدر مما نشرته الصحف والمجلات عن رواية الرحيل ، والمجموعة القصصية رجل فى الثلاثينات من القرن العشرين ، وهدفى من وراء السرد السابق أن أبين مدى ما كانت عليه العناية الجدية بالنقد والتشجيع على جميع المستويات للثقافة والأدب ، وما لاقته أعمال البدوى الأدبية الأولى من احتفاء وتكريم .
================================

ليست هناك تعليقات: