الخميس، ١ نوفمبر ٢٠٠٧

مجلة الجيل


مجلة الجيل

يقول البدوى .. "كان موسى صبرى رئيس تحرير المجلة وفى الوقت عينه رئيس تحرير الأخبار .. وهو أنشط من عرفت فى حياتى من البشر .. ويستطيع أن يعمل عشرين ساعة متصلة .. وعنده خاصية مفردة فى استقبال الناس بوجه بشوش ، ونفس ضاحكة مهما كانت متاعبه .
وبمثل هذه البشاشة الطبيعية والتى تجرى فى دمه استقبلنى وأنا أنشر .
وكنت أقدم له القصة ، وهو فى الصالة الرحبة من الدار .. فيقرأها وأنا جالس بجواره مهما كانت مشاغله ثم يسقطها على التو فى الشريط النازل إلى المطبعة .
وفى مجلته نشرت مقالاتى عن الصين وهونج كونج واليابان .. ونشروا صورتى مع كل مقالة .
وكنت أكتب هذه المقالات فى مقهى بضاحية مصر الجديدة .. اعتدت أن أقضى فيه النهار بطوله من الثامنة صباحًا إلى الخامسة أو السادسة مساء لا سجل كل ما فى خاطرى فى جلسة واحدة .. ثم أنقحه بعد ذلك على مهل فى يومين أو ثلاثة ..
وبعد نشر صورتى فى المجلة .. غيرت المقهى لأنى ضقت بنظرات الناس وأسئلتهم .
وفى الفترة التى بعد فيها موسى صبرى عن الدار عرفت حسين فريد وهو إنسان طيب دءوب على العمل فى صمت وأحمل له مودة صامتة مثل صمته
(1) ".
ويقول عنه الأستاذ موسى صبرى رحمه الله فى مجلة آخر ساعة فى 26 فبراير 1986 "كان كاتبا كبيرا بلا مجتمع ، عاش العزلة وهواها ، وصادق أوراقه وأقلامه.. وابتعد عن الأضواء ، وابتعدت عنه الأضواء .. حتى برامج الإذاعة والتليفزيون التى تقدم الكتاب المجهولين ، لم تقدم محمود البدوى الذى قدم للأدب المصرى ثلاثمائة وخمسين قصة قصيرة(2) نشرت كلها على فترات متباعدة فى الصحف والمجلات على مدى خمسين عاما .
وكان أسلوبه تعبيرا كاملا عن شخصيته ، كان قليل الكلام ، وكانت عبارته لا تحتمل حرفا زائدا ، وكان هادئا ، وكانت كلمات قصصه هادئة ، وكان فى عزلة الفلاسفة .. وكانت سطوره فلسفة قائمة بذاتها عن أغوار النفس الإنسانية ..
عرفته فى الأسبوع الأول الذى بدأت فيه حياتى الصحفية ذات يوم من عام 1944 ، وشجعنى وصادقته ، ولكن بطريقته .. بلا إختلاط ، أو لقاءات خارج العمل ، ودعانى إلى بيته مرة واحدة ، عندما أقدمت على الزواج فى عام 1958 ، لكى يقدم لى نصائحه عن الحياة الزوجية ، وفى كل موقع صحفى استعنت به ، وكان يرسل لى القصة مع مبعوث ، وإذا حضر فهو لا يمكث معى أكثر من دقائق معدودات ، ولا يفوته واجب اجتماعى .
وكان دائما يبهرنى ، بهذا المنهج الذى لم يغيره أبدا فى حياته .. وكثيرا ما يمر عام كامل ، دون أن أسمع منه أو أقرأ له ، أو أراه .. ولكنى كنت أصادف دائما من يقول لى ؟ محمود البدوى يرسل لك التحية " .
(1) م. الثقافة مارس 1975 . (2) قدم البدوى للأدب المصرى أكثر من هذا العدد نشرت جميعها بالصحف والمجلات المصرية والعربية .

ليست هناك تعليقات: