الخميس، ١ نوفمبر ٢٠٠٧

قهوة المسيرى بدمنهور

على رصيف قهوة المسيرى

تلقى محمود البدوى رسائل عديدة تبعث على الدهشة بعد صدور مجموعته القصصية " رجل " وبعضها .. كما يقول ـ " جاء من الأرجنتين ومن المهجر الأمريكى " .

وقد عجبت لهذا الاحتفاء ، والكتاب صغير الحجم ، ومؤلفه أقل منه حجما ، فى الجو الأدبى المصرى العامر فى ذلك الحين بالأفذاذ والفحول فى كل ضروب الأدب وفنونه .

وكان من بين هذه الرسائل رسالة من الأستاذ عبد المعطى المسيرى صاحب قهوة المسيرى بدمنهور .. ومن الأستاذ أمين غراب .

وكان غراب أكثر حرية وحركة لأن المسيرى يدير القهوة إلى منتصف الليل .. وغراب طليق يتردد على القاهرة لنشر قصصه ، أو لمقابلة الممثلين لأمر يتصل بعمله فى دمنهور كممثل على المسرح .

وكتب إلىّ رسالة بموعد حضوره ، واتفقنا على اللقاء فى مقهى بور فؤاد.. وانتظرته ولفراسته وقوة ملاحظته عرفنى من بين الجالسين جميعا ، دون أن يسأل شخصا ، أو أن أحمل دلالة للتعارف .

جلس فى مرح وكان متأنقا فى لبسه ، وقادما على التو من دمنهور التى كانت فى ذلك الوقت مركز نشاط أدبى كبير .. وكانت قهوة المسيرى وعلى رأسها "عبد المعطى" تجمع عشاق الأدب بكل ألوانه .

وقال لى " غراب " إنه راجع إلى دمنهور فى نفس اليوم .. بعد أن يقابل أحد الممثلين فى مقهى "نجيب الريحانى" للاتفاق على الفرقة التى ستقوم بالتمثيل على مسرح البلدية فى دمنهور يوم الخميس المقبل .

وافترقنا وظللنا نتراسل .. إلى أن أخبرته بأنى مسافر إلى الإسكندرية فى يوم كذا .. بأول قطار يتحرك فى الصباح .. وعند عودتى سأمر على دمنهور.. وألاقيه هو والأستاذ عبد المعطى فى قهوة " المسيرى " . وفى محطة دمنهور فوجئت به ، هو والأستاذ عبد المعطى على رصيف المحطة ، ولمحانى من شباك القطار وصعدا وأنزلا حقيبتى من فوق الرف ، كما أنزلانى بالقوة .

وكان المنظر مضحكا أمام الركاب .. وأنا أقاوم وأبين عذرى وهما يصران على الجذب والشد والدفع إلى سلم العربة ، دون سماع لأى عذر .

ووجدت نفسى على الرصيف ، وأنا أضحك وتحرك القطار .
وذهبنا إلى مقهى "المسيرى" وترك عبد المعطى إدارة القهوة لأحد عماله ، وجلس معنا يرحب ، ويقدم التحيات .. وسرعان ما جاء إلى القهوة أكثر من أديب دمنهورى .. وكانت دمنهور فى ذلك الوقت خلية نحل نشطة دون سائر المديريات .. وكانوا جميعا يتعاونون فى صفاء ومودة وإخلاص على طبع الكتب وإصدارها إحياء للأدب وانتعاشة دوما .. ولم تكن هناك شللية ولا ماركسية ولا تقدمية ولا رجعية ، ولا كل هذا البلاء الأزرق الذى زحف على البلاد ، وظهر فى جو الأدب فلبد سماءه الصافية بالغيوم وقتل روح الفن المعيار الأول للأدب الصادق .

ومن حقل دمنهور الأدبى الزاهر .. خرج فى نضارة ــ على ما أعرف وأذكر دون ترتيب للأسماء الأساتذة ــ أحمد محرم .. وعبد المنعم الخضرى.. ومأمون غريب.. وعبد الحليم عبد الله .. وأمين غراب .. ونظمى لوقا .. وعبد المعطى المسيرى .. ومحمد صدقى .. والنعناعى .. وغير هؤلاء ممن لا أعرف .
جلست فى قهوة المسيرى .. مع أدباء دمنهور الشبان إلى ما بعد الغروب.. نتحدث عن أساتذتنا الذين سبقونا وعلمونا وكانوا فخرا لمصر .. وأصبحوا فخرا لمصر فى كل الأزمان والعصور ــ المنفلوطى والبرقوقى .. والزيات .. وأمين الخولى .. وطه حسين .. وتوفيق الحكيم .. والعقاد .. والمازنى .. وأحمد أمين .. وعبد العزيز البشرى .. وصادق الرافعى .. وسلامة موسى .. وزكى مبارك .. ومحمد حسين هيكل .. وبيرم .. وتيمور .. وحسين فوزى .. وإسماعيل مظهر . ثم الشعراء .. شوقى .. وحافظ .. وعزيز أباظة .. وأحمد محرم .. وعبد الرحمن شكرى .. ثم من فتح الطريق للقصة والرواية .. ومهد السبيل لغيره فى براعة فنية ، ونقد لاذع للمجتمع .. محمد المويلحى .. أديب الأدباء .

دار حديثنا فى القهوة عن كل هؤلاء وغيرهم ، ثم انتقلنا إلى بيت عبد المعطى الذى قدم عشاء متنوع الطباق .. وبعدها خرجنا نتجول فى المدينة . وأبديت لغراب .. رغبتى فى أن نحجز غرفة فى أى فندق لأستريح بحريتى .. لأنى لا أحب الضيافة فى البيوت ..

وقال لى أمين :
ــ لا يوجد فى المدينة إلا فندق واحد ..
ــ لنذهب إليه ..

واتخذنا طريقنا إلى الفندق .. ولما صعدنا لنشاهد الغرف وكانت جميعها خالية .. صدمنا بما وجدنا فيها من جو خانق وقذارة .. فنزلنا سريعا .. وقد أخذت رءوسهم تفكر على التو فى المكان الذى أقضى فيه الليل .. بعد أن انقطعت كل سبل المواصلات إلى الإسكندرية ..

وساروا بى حتى خرجنا من المدينة ، وأصبحنا فى المزارع ، وشعرت بطراوة الجو ولينه وبهجة شعاع القمر .. وهو فى قمة زهوه وتألقه .

جلسنا على العشب فى شبه دائرة ، وكنا أكثر من عشرة .. وكل منا يتحدث عن المدن التى زارها فى مصر .. والتجارب التى مر بها فى حياته ، وهو يتنقل فى هذه المدن .. ووجدنا قصورًا أخجلنا .. فبعضنا لم يكن قد بعد عن موطنه مسافة فرسخ .. والغالبية لم تكن قد خرجت من مدينة دمنهور .. فمن أين تأتى التجارب .. ويزخر الرأس بالأفكار ..؟ فليسافر الأديب وليسافر ..

ونهضنا ودخلنا فى المدينة مرة أخرى .. وعلى رأس شارع صغير .. سلمت على أدباء دمنهور .. وبقى معى عبد المعطى وغراب .. وأنزلانى ضيفا فى مضيفة رجل كريم لم أعرف إسمه إلى اليوم .

وفى الصباح لمحت ظل فتاة ناضرة البياض ، قادمة من الخارج .. ووضعت على المائدة قدحًا كبيرا من اللبن وفطيرا .. ولم أشاهد منها إلا ذيل ثوبها وقد أعجبت لسواده .

وفى الضحى .. ودعت أدباء دمنهور جميعا .. وسافرت إلى الإسكندرية .. وكنت أحب الإسكندرية كثيرا فى ذلك الوقت لجمالها ونظافتها ، وقلة سكانها .. ولأنها صورة ناضرة من المدن الأوربية التى شاهدتها فى رحلتى السابقة وفتنت بها .

* * *

تكررت زيارات محمود البدوى إلى دمنهور والجلوس مع الأدباء فى مقهى المسيرى ويقول .. "كانت قهوة المسيرى منتدى أدبيا عامرا وحافلا على الدوام بالأدباء من القاهرة والإسكندرية ودمنهور ، وكان عبد المعطى قطب الدائرة والخلية منتجة ونشطة وتظهر آثارها .. فى كتاب يطبع فى دمنهور أو الإسكندرية لقربها من دمنهور .. كان المجتمع الأدبى منتجا ومفيدا .. ولم تكن اجتماعات القهوة تنتهى إلى مناقشات بيزنطية تذهب مع الريح ..

* * *

كان أدباء مقهى المسيرى يمسكون بتلابيب الشباب من الأدباء ويتحدثون عن فنهم وأثرهم فى الحياة .. ويقول الأستاذ عبد المعطى المسيرى فى مقالة المنشور بجريدة الزمان 16/11/1950 ".. وجاء دور محمود البدوى أو كما نسميه فى دمنهور محمود تشيكوف أو أنطون البدوى إشارة إلى تلك الصلة الوثيقة والتشابه العظيم بينه وأنطون تشيكوف فى بساطته وعرضه وتحليله ، ثم تعبيرا عن إعجابنا به وتقديرنا له منذ أن قرأنا أولى أعماله الأدبية قصة "الأعمى" التى فتنتنا وتجاوبت مع نفوسنا ، فلم نقنع بالتجاوب المألوف بين الكاتب الفذ والقارئ الناقد وإنما أردناها صداقة ومودة ، فكان لنا ما نريد ـ ظفرنا من صداقته بهذا الصفاء الذى يحلم به المرء وينشده ، والوفاء الذى تحن إليه النفس وتستجم فى ظله الوريف ، ثم ظفرنا بعد ذلك بالفائدة بعد المتعة، فهو الذى وضع أيدينا على القصص الروسى الخالد ، ابن الطبيعة والزوج الأبدى .. ثم ما زال يلح على المازنى ويظهر إعجابه به حتى أنشأ للمازنى مدرسة فى دمنهور .

وضحكنا طويلا عندما ذكرنا محاولته اللطيفة فى القيام بتأسيس دار للنشر باسم "مكتبة الجيب " التى أصدر عن طريقها بعض كتبه " .
============
على رصيف قهوة المسيرى

تلقى محمود البدوى رسائل عديدة تبعث على الدهشة بعد صدور مجموعته القصصية " رجل " وبعضها .. كما يقول ـ " جاء من الأرجنتين ومن المهجر الأمريكى " .

وقد عجبت لهذا الاحتفاء ، والكتاب صغير الحجم ، ومؤلفه أقل منه حجما ، فى الجو الأدبى المصرى العامر فى ذلك الحين بالأفذاذ والفحول فى كل ضروب الأدب وفنونه .

وكان من بين هذه الرسائل رسالة من الأستاذ عبد المعطى المسيرى صاحب قهوة المسيرى بدمنهور .. ومن الأستاذ أمين غراب .

وكان غراب أكثر حرية وحركة لأن المسيرى يدير القهوة إلى منتصف الليل .. وغراب طليق يتردد على القاهرة لنشر قصصه ، أو لمقابلة الممثلين لأمر يتصل بعمله فى دمنهور كممثل على المسرح .

وكتب إلىّ رسالة بموعد حضوره ، واتفقنا على اللقاء فى مقهى بور فؤاد.. وانتظرته ولفراسته وقوة ملاحظته عرفنى من بين الجالسين جميعا ، دون أن يسأل شخصا ، أو أن أحمل دلالة للتعارف .

جلس فى مرح وكان متأنقا فى لبسه ، وقادما على التو من دمنهور التى كانت فى ذلك الوقت مركز نشاط أدبى كبير .. وكانت قهوة المسيرى وعلى رأسها "عبد المعطى" تجمع عشاق الأدب بكل ألوانه .

وقال لى " غراب " إنه راجع إلى دمنهور فى نفس اليوم .. بعد أن يقابل أحد الممثلين فى مقهى "نجيب الريحانى" للاتفاق على الفرقة التى ستقوم بالتمثيل على مسرح البلدية فى دمنهور يوم الخميس المقبل .

وافترقنا وظللنا نتراسل .. إلى أن أخبرته بأنى مسافر إلى الإسكندرية فى يوم كذا .. بأول قطار يتحرك فى الصباح .. وعند عودتى سأمر على دمنهور.. وألاقيه هو والأستاذ عبد المعطى فى قهوة " المسيرى " . وفى محطة دمنهور فوجئت به ، هو والأستاذ عبد المعطى على رصيف المحطة ، ولمحانى من شباك القطار وصعدا وأنزلا حقيبتى من فوق الرف ، كما أنزلانى بالقوة .

وكان المنظر مضحكا أمام الركاب .. وأنا أقاوم وأبين عذرى وهما يصران على الجذب والشد والدفع إلى سلم العربة ، دون سماع لأى عذر .

ووجدت نفسى على الرصيف ، وأنا أضحك وتحرك القطار .
وذهبنا إلى مقهى "المسيرى" وترك عبد المعطى إدارة القهوة لأحد عماله ، وجلس معنا يرحب ، ويقدم التحيات .. وسرعان ما جاء إلى القهوة أكثر من أديب دمنهورى .. وكانت دمنهور فى ذلك الوقت خلية نحل نشطة دون سائر المديريات .. وكانوا جميعا يتعاونون فى صفاء ومودة وإخلاص على طبع الكتب وإصدارها إحياء للأدب وانتعاشة دوما .. ولم تكن هناك شللية ولا ماركسية ولا تقدمية ولا رجعية ، ولا كل هذا البلاء الأزرق الذى زحف على البلاد ، وظهر فى جو الأدب فلبد سماءه الصافية بالغيوم وقتل روح الفن المعيار الأول للأدب الصادق .

ومن حقل دمنهور الأدبى الزاهر .. خرج فى نضارة ــ على ما أعرف وأذكر دون ترتيب للأسماء الأساتذة ــ أحمد محرم .. وعبد المنعم الخضرى.. ومأمون غريب.. وعبد الحليم عبد الله .. وأمين غراب .. ونظمى لوقا .. وعبد المعطى المسيرى .. ومحمد صدقى .. والنعناعى .. وغير هؤلاء ممن لا أعرف .
جلست فى قهوة المسيرى .. مع أدباء دمنهور الشبان إلى ما بعد الغروب.. نتحدث عن أساتذتنا الذين سبقونا وعلمونا وكانوا فخرا لمصر .. وأصبحوا فخرا لمصر فى كل الأزمان والعصور ــ المنفلوطى والبرقوقى .. والزيات .. وأمين الخولى .. وطه حسين .. وتوفيق الحكيم .. والعقاد .. والمازنى .. وأحمد أمين .. وعبد العزيز البشرى .. وصادق الرافعى .. وسلامة موسى .. وزكى مبارك .. ومحمد حسين هيكل .. وبيرم .. وتيمور .. وحسين فوزى .. وإسماعيل مظهر . ثم الشعراء .. شوقى .. وحافظ .. وعزيز أباظة .. وأحمد محرم .. وعبد الرحمن شكرى .. ثم من فتح الطريق للقصة والرواية .. ومهد السبيل لغيره فى براعة فنية ، ونقد لاذع للمجتمع .. محمد المويلحى .. أديب الأدباء .

دار حديثنا فى القهوة عن كل هؤلاء وغيرهم ، ثم انتقلنا إلى بيت عبد المعطى الذى قدم عشاء متنوع الطباق .. وبعدها خرجنا نتجول فى المدينة . وأبديت لغراب .. رغبتى فى أن نحجز غرفة فى أى فندق لأستريح بحريتى .. لأنى لا أحب الضيافة فى البيوت ..

وقال لى أمين :
ــ لا يوجد فى المدينة إلا فندق واحد ..
ــ لنذهب إليه ..

واتخذنا طريقنا إلى الفندق .. ولما صعدنا لنشاهد الغرف وكانت جميعها خالية .. صدمنا بما وجدنا فيها من جو خانق وقذارة .. فنزلنا سريعا .. وقد أخذت رءوسهم تفكر على التو فى المكان الذى أقضى فيه الليل .. بعد أن انقطعت كل سبل المواصلات إلى الإسكندرية ..

وساروا بى حتى خرجنا من المدينة ، وأصبحنا فى المزارع ، وشعرت بطراوة الجو ولينه وبهجة شعاع القمر .. وهو فى قمة زهوه وتألقه .

جلسنا على العشب فى شبه دائرة ، وكنا أكثر من عشرة .. وكل منا يتحدث عن المدن التى زارها فى مصر .. والتجارب التى مر بها فى حياته ، وهو يتنقل فى هذه المدن .. ووجدنا قصورًا أخجلنا .. فبعضنا لم يكن قد بعد عن موطنه مسافة فرسخ .. والغالبية لم تكن قد خرجت من مدينة دمنهور .. فمن أين تأتى التجارب .. ويزخر الرأس بالأفكار ..؟ فليسافر الأديب وليسافر ..

ونهضنا ودخلنا فى المدينة مرة أخرى .. وعلى رأس شارع صغير .. سلمت على أدباء دمنهور .. وبقى معى عبد المعطى وغراب .. وأنزلانى ضيفا فى مضيفة رجل كريم لم أعرف إسمه إلى اليوم .

وفى الصباح لمحت ظل فتاة ناضرة البياض ، قادمة من الخارج .. ووضعت على المائدة قدحًا كبيرا من اللبن وفطيرا .. ولم أشاهد منها إلا ذيل ثوبها وقد أعجبت لسواده .

وفى الضحى .. ودعت أدباء دمنهور جميعا .. وسافرت إلى الإسكندرية .. وكنت أحب الإسكندرية كثيرا فى ذلك الوقت لجمالها ونظافتها ، وقلة سكانها .. ولأنها صورة ناضرة من المدن الأوربية التى شاهدتها فى رحلتى السابقة وفتنت بها .

* * *

تكررت زيارات محمود البدوى إلى دمنهور والجلوس مع الأدباء فى مقهى المسيرى ويقول .. "كانت قهوة المسيرى منتدى أدبيا عامرا وحافلا على الدوام بالأدباء من القاهرة والإسكندرية ودمنهور ، وكان عبد المعطى قطب الدائرة والخلية منتجة ونشطة وتظهر آثارها .. فى كتاب يطبع فى دمنهور أو الإسكندرية لقربها من دمنهور .. كان المجتمع الأدبى منتجا ومفيدا .. ولم تكن اجتماعات القهوة تنتهى إلى مناقشات بيزنطية تذهب مع الريح ..

* * *

كان أدباء مقهى المسيرى يمسكون بتلابيب الشباب من الأدباء ويتحدثون عن فنهم وأثرهم فى الحياة .. ويقول الأستاذ عبد المعطى المسيرى فى مقالة المنشور بجريدة الزمان 16/11/1950 ".. وجاء دور محمود البدوى أو كما نسميه فى دمنهور محمود تشيكوف أو أنطون البدوى إشارة إلى تلك الصلة الوثيقة والتشابه العظيم بينه وأنطون تشيكوف فى بساطته وعرضه وتحليله ، ثم تعبيرا عن إعجابنا به وتقديرنا له منذ أن قرأنا أولى أعماله الأدبية قصة "الأعمى" التى فتنتنا وتجاوبت مع نفوسنا ، فلم نقنع بالتجاوب المألوف بين الكاتب الفذ والقارئ الناقد وإنما أردناها صداقة ومودة ، فكان لنا ما نريد ـ ظفرنا من صداقته بهذا الصفاء الذى يحلم به المرء وينشده ، والوفاء الذى تحن إليه النفس وتستجم فى ظله الوريف ، ثم ظفرنا بعد ذلك بالفائدة بعد المتعة، فهو الذى وضع أيدينا على القصص الروسى الخالد ، ابن الطبيعة والزوج الأبدى .. ثم ما زال يلح على المازنى ويظهر إعجابه به حتى أنشأ للمازنى مدرسة فى دمنهور .

وضحكنا طويلا عندما ذكرنا محاولته اللطيفة فى القيام بتأسيس دار للنشر باسم "مكتبة الجيب " التى أصدر عن طريقها بعض كتبه " .
============

ليست هناك تعليقات: