الخميس، ١ نوفمبر ٢٠٠٧

المنابع الأولى ل الفن القصصى

المنابع الأولى للفن القصصى

يقول البدوى
" حبى للقصة القصيرة وراءه باعث رئيسى ، هو ولعى بالإيجاز والاختزال اللذين أجدهما فى طبيعة القصة القصيرة ، ويحضرنى هنا أسماء كثير من الباحثين الغربيين الذين شهدوا للقصة العربية فى قرونها الهجرية ــ الإسلامية ــ بالرقى، لا لشىء إلا لأنها تحتوى من البلاغة التى هى التركيز والتكثيف الشىء الكثير.. إنهم يؤكدون أن القصة القصيرة إنما هى فن العرب لا الغرب ، فالعرب بطبيعتهم رحالون من مكان إلى آخر ، وبين هذا المكان وذاك يرددون حكاياتهم الموجزة ، فالحياة العربية ، لطبيعتها البدوية ، لم تكن تمكنهم من سرد القصة الطويلة أو التمهل عند تفصيلاتها ، ومن هنا ، أستطيع القول إن تعريف القصة القصيرة العربية عند العرب كما هى الآن لا تزيد على ربع ساعة فقط .

وهذا الوقت الوجيز هو الذى يمنح القصة حلاوتها المميزة .. وهو ما جعلنى أعود للأدب العربى وأحاول أن أغترف من المنابع الأولى للفن القصصى .. وبالتحديد من القرآن الكريم ..
لنتوقف قليلا عند هذه النقطة لأهميتها ..

انظر إلى عظمة الإيجاز القرآنى وهو يقول :
" ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم " .
إنها عبارة بليغة تعبر عن نفسها بنفسها ، وتحمل معانى كثيرة قل أن يستطيع التعبير الطويل أن يعبر عنها ، اقرأ هذا الحكم " إلا أن يسجن أو عذاب أليم "

ثم أنظر إلى مثل آخر :
" يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين " انظر إلى دلالة المعنى الذى تطلقه امرأة ، ومع هذا ، فإن الرسالة تصل بشكل فيه بلاغة وصدق ويحوطه التقدير والإجلال .

إننى أستطيع الخروج من كل آية بقصة قصيرة يمكن أن تتوافر فيها شرط ( لحظة التنوير ) كما يقال لنا الآن فى التعبير عن القصة القصيرة .. إن القرآن الكريم به أول قصة قصيرة .

وعلى هذا النحو ، فإننى أستطيع بلفظ أو أكثر من لفظ ( منحوت ) الوصول إلى أدق المعانى وأكثرها تعبيرا ودلالة .

غير أننى لا يمكن أن أغبن الغربيين حقهم فى الفن الإبداعى للقصة القصيرة ، فإننى لا يمكن قط أن أنسى براعة " تشيكوف " وهو يروى القصة فتصل إلى درجة بعيدة من الإعجاز ، لا لشىء ، إلا لأنها تحتوى على التركيز والمعنى فى جلسة صغيرة ..

==================

ليست هناك تعليقات: